في جامعة كبيرة تقع في قلب المدينة، كانت هناك طالبة تُدعى نورا. كانت نورا طالبة مجتهدة ومتفوقة في كلية الطب، تسعى دائمًا لتحقيق النجاح وإثبات نفسها بين أقرانها. ولكن خلال هذا الفصل الدراسي، وجدت نفسها في مواجهة أحداث غامضة وغير متوقعة، مرتبطة بأستاذها، الدكتور كريم.
كان الدكتور كريم أستاذًا في علم التشريح، معروفًا بين الطلاب بصرامته ودقته العلمية. كان يحظى باحترام الجميع، لكن نورا لاحظت أن هناك شيئًا غير عادي بشأنه. كان كريم يبدو دائمًا منشغلًا بشيء ما، وكأن هناك سرًا يثقل كاهله. كان دائمًا يتجنب النظر إلى طلابه مباشرة، وكأنه يخشى أن يكتشفوا ما يخفيه.
في إحدى المحاضرات، كانت نورا تجلس في الصف الأمامي، تتابع بدقة كل ما يقوله الدكتور كريم. لكن أثناء الشرح، لاحظت شيئًا غريبًا في سلوكه. كان يتلعثم في بعض الكلمات، ويتوقف فجأة ليعيد تنظيم أفكاره، كما لو أن هناك شيئًا يشتت تركيزه. كانت هذه المرة الأولى التي ترى فيها نورا أستاذها بهذه الحالة.
بعد تلك المحاضرة، بدأت نورا تلاحظ أمورًا غريبة تحدث داخل الجامعة. كانت الكتب تُفتح وتُغلق من تلقاء نفسها في المكتبة، وأحيانًا كانت تسمع أصواتًا خافتة تأتي من قاعة المحاضرات الفارغة بعد انتهاء الدروس. كانت تشعر بأن هناك شيئًا غير طبيعي يحدث، ولكنها لم تستطع تحديده.
وفي إحدى الليالي، بينما كانت نورا تدرس في المكتبة حتى وقت متأخر، سمعت صوت خطوات تتقدم نحوها. شعرت بالخوف والتفتت لترى الدكتور كريم يقف عند باب المكتبة، يراقبها بصمت. تقدمت نحوه وسألته عما إذا كان يحتاج إلى شيء، لكنه ابتسم ابتسامة غامضة وقال: "أحيانًا، لا يجب علينا البحث عن الحقيقة في الأماكن التي قد تكشف أكثر مما نرغب."
بدأت نورا تشعر أن هناك شيئًا كبيرًا يحدث، وأن الدكتور كريم قد يكون مرتبطًا بأمور غامضة لم تكن تعرف عنها شيئًا. قررت أن تراقبه من بعيد وتحاول فهم ما يحدث. لاحظت أنه كان يختفي بعد انتهاء المحاضرات في أوقات معينة، ويذهب إلى مكان مجهول داخل الحرم الجامعي.
في أحد الأيام، قررت نورا أن تتبعه. بعد انتهاء محاضرته، رأته يخرج من الجامعة ويتجه نحو مبنى قديم مهجور في زاوية الحرم. شعرت نورا بالقلق، لكنها قررت مواصلة التتبع. دخلت خلفه إلى المبنى المهجور، الذي كان مظلمًا ورطبًا. هناك، رأت الدكتور كريم يقف أمام طاولة مغطاة بالكتب والأوراق القديمة. كان يهمس بكلمات غير مفهومة وكأنها تعاويذ قديمة.
شعرت نورا بالصدمة والخوف، لكنها حاولت أن تبقى هادئة. اقتربت منه ببطء وسألته: "دكتور كريم، ما الذي تفعله هنا؟ ولماذا يبدو أنك تخفي شيئًا؟"
التفت إليها كريم بنظرة باردة وقال: "لقد حذرتك يا نورا. بعض الأمور يجب أن تبقى مخفية، لأن معرفتها قد تكون أخطر مما تتخيلين."
تراجعت نورا خطوة إلى الوراء، لكنها لم تستسلم. سألته مجددًا: "ما الذي تخفيه؟ لماذا أنت هنا؟"
تنهد كريم وقال: "منذ سنوات طويلة، كنت أبحث عن الحقيقة. الحقيقة التي لا يعرفها أحد. في هذا المكان، يوجد سر قديم، سر يمكن أن يغير كل ما نعرفه عن الحياة والموت. لكن الوصول إلى هذه الحقيقة يأتي بثمن باهظ."
بعد تلك الليلة، تغيّر كل شيء بالنسبة لنورا. أصبحت تدرك أن العالم مليء بالأسرار التي لا يمكن فهمها بسهولة. ولكنها اختارت أن تبتعد عن هذه الأسرار وتتركها للدكتور كريم، الذي ظل محاصرًا بين العلم والغموض.
غادرت نورا المكان وهي تعلم أن الحقيقة ليست دائمًا ما نبحث عنه، وأحيانًا يكون الابتعاد عنها هو الخيار الأفضل.
رواية الطالبة والدكتور هي قصة اكتشاف الذات ومواجهة المجهول. نورا كانت تسعى للمعرفة، لكنها أدركت أن بعض الحقائق يجب أن تبقى مخفية. أما الدكتور كريم، فكان محاصرًا بسر قديم لا يستطيع الهروب منه.